السبت، ٢٣ يوليو ٢٠١١

الجيش والنخبة ... إيد واحدة

أولا: أنا هاكتب بالعامية علشان مهتم إن كلامي يوصل لأكبر قدر ممكن من الناس

ثانيا: لو مهتم تقرأ المقدمات اللي بنيت عليها النتايج دي فهتتعب نفسك معانا معلش وتقرا المقال كله. أما لو مهتم تعرف الاستنتاج النهائي وخلاص يبقى حضرتك تدخل على طول على الفقرة رقم 5 (اللي تحتها خط) أما لو مهتم تعرف النتيجة النهائية أوي (البرشامة يعني) فحضرتك هتقرأ الفقرة اللي أولها "طيب الحل ايه من وجهة نظري المتواضعة يعني؟"


على ما أظن إن دلوقتي دخلنا في مرحلة من مراحل الثورة لاتحتمل إننا نفضل نردد أساطير الجيش والشعب إيد واحدة، والجيش هو اللي حمى الثورة، وإن الشعب المصري بيدوب في التراب اللي بتعطره البيادة الميري. احنا كلنا بنقول لبعضنا مبروك لما ناخد إعفاء من التجنيد الإجباري وبنعزم بعض وبنحتفل، واللي بيدخل علشان "يخدم الوطن" بنقول عليه لبس في الحيط وبيفضل يجيب وسايط علشان يحاول يروح حتة يعمل فيها شغل إداري لطيف ويروّح بيتهم كل يوم وكده ... فين بقى حب الشعب للجيش ده؟

أولا الجيش مش حاجة واحدة، يعني ماهوش مجموعة من باتمان وسوبرمان وأبطال "الكوميكس" اللي هم الخير المطلق ولا مجموعة من الشياطين يعني، هم مجموعة من المصريين فيهم الطيب وفيهم الشرير، فيهم اللي مع الثورة واللي ضدها، فيهم اللي كان مع التوريث واللي ضده، والكلام ده مش على المجلس العسكري بس إنما على الجيش كله. يعني العساكر والظباط اللي تعاطفوا مع الثورة ليهم زمايل تانيين ضربوا الشباب عند سفارة الصهاينة، وليهم زمايل تانيين هم اللي عذبوا الشباب في المتحف وهكذا. إنما المشترك في كل العقليات العسكرية هي إنها عقليات محافظة مش ثورية راديكالية. قبل ما تاخد الخطوة لازم تفكر مليون مرة في كل الاحتمالات، وده بالظبط اللي حصل في الثورة.

الجيش "تفاعل" مع الثورة وكان بيستجيب لموجاتها إنما ماكانش بيحميها، ليه بقى؟ زي ما قلنا لأن الجيش مش على قلب رجل واحد أصلا فاللي بيحصل إن الجيش كان بيتفرج على الثورة ويحسب احتمالات التدخل في كل مرحلة من خلال أجهزتهم المعلوماتية، وكان دايما الرد بيجي إن الشعب ده عنده استبيع وعنده استعداد يموت علشان مبارك يرحل، وكان منظر الناس اللي بتنام في الميدان تحت جنزير الدبابات علشان يمنعها من التحرك لفض الاعتصام كفيل بإنه يوصل الرسالة دي. وطبعا موقعة الجمل كانت فرصة كبيرة للجيش إنه يختبر قوة الثورة برضه وقوة تمسك الشعب بها وعلشان كده شفنا حياد الجيش السلبي في اليوم ده. يعني من الآخر الجيش كان بيتفرج على الشارع وبيحسب، وكان الرد اللي بييجي الشارع بيقوّي الاتجاه المنحاز للثورة في الجيش.

بعد الثورة بقى النخب التقليدية ابتدت تتصدر المشهد وتمثل الثورة وهي أصلا مالهاش أي أهلية لتصدر المشهد الثوري لأن وجودها في الثورة لم يكن يتجاوز وجود المواطن البسيط فيها بل على العكس كان كل شوية يطلعوا لنا بافتكاسة كده علشان ينهوا الثورة، لأنهم كانوا ومازالوا محبوسين في خبراتهم القديمة وماعندهمش الخيال اللازم للثورة. فلما ابتدت النخب القديمة دي تتصدر المشهد وتدوّر على مصالحها الشخصية أو تطبق رؤيتها الفكرية أو الأيدولوجية. الجيش استلمهم بقى.

الجيش ابتدا يلعب مع النخبة لعبة لطيفة أوي وهو إنه يلبّس طاقية ده لطاقية ده. يعني يجيبوا ناس من النخب الإسلامية ويفهّموهم إنهم لازم يحموا البلد من التدخل الأمريكي ومحاولات طمس الهوية والأجندات الخارجية ... إلخ ويتعاملوا معاهم على إنهم هم الوحيدين المستأمنين على البلد وكأن المعلومات اللي بيقولوها لهم دي معلومات أمن قومي "توب سيكريت" ماحدش يعرفها غيرهم. وييجي الجيش برضه (ممكن يكونوا ناس تانية في الجيش) يقعدوا مع الليبراليين والعلمانيين يفهموهم إنهم هم اللي بيحموا البلد من محاولات الإسلاميين للقفز على السلطة لتحويل مصر إلى إيران أو سعودية وبرضه يتعاملوا معاهم على إنهم هم الوحيدين المستأمنين على البلد وكأن المعلومات اللي بيقولوها لهم دي معلومات أمن قومي "توب سيكريت" ماحدش يعرفها غيرهم. الطرفين بقى يبتدوا ياخدوا مواقف على أساس المعلومات دي من غير ما يقولوا المعلومات طبعا لأنها "توب سيكريت"، واللطيف بقى إن المعلومات دي الشارع عارفها وحاسسها وماهياش "توب سيكريت" ولا حاجة خالص، فبالتالي الشارع بيتعامل مع النخبة بطريقة "لا يا شييييييخ ما صدقتكش أنا كده".

الخسارة اللي بنخسرها بقى هي الانقسام اللي بيحصل بسبب المواقف المفتعلة دي، والانقسام ده هو اللي بيضعف الطرف من الجيش اللي مع الثورة، ولأنه جيش .. يعني عقلية محافظة مش ثورية اللي هيحصل إنه هيتكتف ومش هيلاقي حجة يحمي بيها الثورة أو يكمّل الاستجابة لمطالبها أو يقف في وجه الطرف العسكري اللي طمعان في السلطة. وهينتهي الأمر للنموذج التركي الأتاتوركي على أحسن تقدير يعني ويبقى كل ثورة واحنا طيبين بقى وبعودة الأيام. الجميل بقى إن تفاعل الإسلاميين مع الشارع بيقوّي جدا الطرف الطامع في السلطة من الجيش، لأن كل اللي بيعملوه إنهم يتهموا الشارع بإنه عميل وأجندات (سمعنا الكلام ده فين قبل كده فكروني لو سمحتوا؟) وهم مش واخدين بالهم إنهم لما يسيبوا الشارع يبقى يتوقعوا إن أي حد تاني من أصحاب المصالح هيدخل يملا الفراغ. وعلى فكرة بقى الأجندات كانت موجودة فعلا في الثورة لكن "الزخم الشعبي" كان أقوى وكان مبتلع تأثير الأجندات دي، إنما لما ينفض الزخم الشعبي ده تأثير الأجندات هيبان. المهم إن الشعب دلوقتي مزنوق بين ناس أصحاب مصالح فعلا وناس عندهم مشاكل وراثية في جينات الذكاء السياسي. والتاريخ مش هينسى ده ومش هيسامحهم.

طيب الحل ايه من وجهة نظري المتواضعة يعني؟

أنا مش مع إسقاط المجلس العسكري دلوقتي خالص لأننا فعلا ماعندناش بديل لكن مع استمرار الضغط عليه زي أيام الثورة كده لحد ما نستلم السلطة المدنية المنتخبة (وفككوا من حوار الدستور أولا ده بقى انتهى) والضغط يكون كالتالي:

إن النخب (اللي عايز فيهم التاريخ يفتكروا بالخير يعني) ينزلوا للشارع تاني ويعرفوا إن الدوا مش عند الجيش أو السلطة أيا كانت، إنما الدوا عند الشعب، عند الشارع. فهم لازم ينزلوا الشارع تاني ويتكلموا على الملفات الحالية اللي بتهم الناس فعلا. ملف محاكمات القتلة (على الأقل ظباط الداخلية يعني)، وملف تطهير الداخلية، وملف "ملامح" العدالة الاجتماعية ويفضل الحشد الشعبي شغال على الملفات دي. ونفكّنا من موضوع عجلة الإنتاج والاستقرار دول دلوقتي لأن مافيش حاجة اسمها استقرار طول ما العدل ما اتحققش، دايما هيفضل في قلق واضطراب. لو عايزين استقرار حلّوا التلات ملفات دول وخلوا عندك ثقة فينا احنا الشعب إننا نقدر نعمل ده لأننا فعلا قدرنا نعمل اللي حضراتكم ماقدرتوش تعملوه من زمان وأسقطنا مبارك.

يبقى يتلغي أي كلام عن هوية الدولة ده وأي كلام عن دستور وانتخابات ووثيقة مبادئ حاكمة وكل الكلام الفارغ ده والناس كلها تحشد على التلات ملفات دول نفضل نضغط بيهم على السلطة علشان نبوظ أي خطط لعسكرة الدولة أو اختطافها من طرف فصيل سياسي دون آخر، وبعدين لما نستلم السلطة المدنية بقى نبتدي نتكلم في الاستقرار وعجلة الإنتاج والاقتصاد وكل الكلام اللطيف ده.

والله الموفّق والمستعان




باسم زكريا السمرجي
23/7/2011

هناك تعليقان (٢):