السبت، ١ أكتوبر ٢٠١١

عن جمعة استرداد الثورة ومسجد الفتح وأشياء أخرى

كتبت هذه الخاطرة أمام ساحة مسجد الفتح برمسيس بالقاهرة، الساعة الثالثة من فجر الأول من أكتوبر لعام 2011. وكنت عائدا من ميدان التحرير بعد انقضاء فعاليات جمعة "استرداد الثورة" والتي كان فيها من الخبرات الشخصية ما هو أعمق من الخبرات العامة بكثير، فذكريات دراسة حملها لي أصدقاء الجامعة الذين التقيت بهم على غير موعد، ومسارات تتبدى وسط غيوم تنقشع، ورجال ينبتون من وسط الصخور نبتا وإن بدا رقيق الثمر والزهر والأوراق فهو عزيز الجذور. وإن بدا نابتا من وسط الصخر فتحت الصخر ماء.

أفترش الأرض في رحاب مسجد الفتح، وكنت قطعت الطريق ماشيا من ميدان التحرير وحتى ميدان رمسيس. ولا أدري حقا ما أشعر به. فمكونات الزمان والمكان حولي تتحرّك بسرعة هادئة تستطيع من خلالها أن تميّز تفاصيل تلك الحركة وكيف يتركّب المشهد الكلي من التفاصيل الصغيرة. أصوات منادي الميكروباص وهم ينادون (دويقة - دراسة - دائري - الجبل ...إلخ) تمتزج بأصوات محركّات السيارات التي تعبر الميدان. الباعة الجائلون يمارسون نشاطهم في الساحة يعلّقون بضاعتهم على أسوار المسجد ولا أظن أنهم يفعلون ذلك بهدف البيع ولكن يبدو أن البضائع ظلت على سور المسجد حتى تعلّقت به وأبت أن تتركه. مجموعات من الناس تروح جيئة وذهابا في الساحة في حركة رتيبة، مجموعات أخرى افترشت المساحات الخضراء الصغيرة يبدو أن كلا منها في انتظار قطار ما يعيده من حيث أتى أو يحمله إلى حيث يقصد. بقايا الطعام وأعقاب السجائر تتناثر حولي على الأرض في سكون يشي بثقةِ مَن حرر لتوّه حيّزا من الأرض كان له وتحدِ من يعلم ألا أحد يقدر أن يردّه عنه ذلك الحيّز. صوت محرّك الميكروباص الرتيب يصنع موسيقى تصويرية وكأنها صُنعت خصيصا لذلك المشهد. تشعر وكأن كل شيء في حركته أو في سكونه مُثقل بهموم يوم طويل أقعده في انتظار مُمل أو جعله في حركته كالميّت الحي يتحرّك وكأنه في مهمة ما ذاهلا عما سواها.

تستطيع أن ترى في تفاصيل المشهد بعض أناس يتحركون حركة عشوائية حتى تُدخل مئذنة المسجد في المشهد فتراه مشهدا كونيا يتحرّك فيه كل كوكب في مداره حركة منتظمة حول نجم ثابت. المئذنة


باسم زكريا
1/10/2011

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق