الأحد، ٢٥ سبتمبر ٢٠١١

عن الأشياء الرائعة التي لا نستطيع التعبير عنها بالكلام

أعترف بعجزي، فحينما أتأمل كم هذه الأشياء الرائعة في الوجود أُذهل وأفقد القدرة على كل شيء حتى عن التعبير عن امتناني أو عن وصف تلك الأشياء الرائعة، حينما أمعن النظر أشعر بأن طاقة الحب وطاقة الامتنان المتدفقة من روحي تعجز حواسّي عن تلقيها والتفاعل معها فتعلم أن الأمر يتخطى وسائلها للإدراك فتصاب بالشلل والذهول وتفسح مجالا للروح أن تحلّق، أن تعود إلى السماء، إلى حيث تنتمي، تتجوّل في الكون، بل في ما وراء الكون وما فوق الكون تتلمّس آثار روح الله التي هي سبب كل حياة، تنصت إلى أصوات تسبيح كل شيء، تسمعها بوضوح، فلغة الروح واحدة يعرفها كل شيء. تنصّت جيدا إلى أصوات التسبيح لعلّها تعتصرها جميعا لتسبّح بها جميعا مرة واحدة، ولكن حتى وإن كان ذلك ممكنا فهي تعرف أن كل تسبيح العالم لن يستطيع أن يحتوى ما بها من طاقة حب وامتنان.

امتنان للريح التي تحمل عبير المحبّين عبر الحدود تنثره في قلوب المحبّين، أم للشجرة التي نبتت من اللامكان تستدرجني لظلها كي تأنس بحديثي بعض الوقت، أم لكل تلك الذكريات التي لم يبق منها إلا ريح طيبة، أم لتلك النسمة الصيفية التي غافلت الحرّاس المنهكين من الحرّ وأزاحت الستار عن قلبي برفق الأطفال وخبثهم لتُدخل العالم إلى قلبي وتُدخل قلبي إلى العالم، أم لتلك الغيمة التي تمارس بدأب وظيفتها في نثر ظلّها ولا يُحزنها إلا أنها تتمنّى أن تحتوى كل الكون بظلّها، أم لسلوكي الطفولي مع تلك الغيمة مراوحة بين التدثّر ببعض ظلّها تارة ومشاهدتها من بعيد تارة أخرى تظل الآخرين كي لا يفوتني منها شيء, وكي يظل لي نصيب لا أستنفذه. أم كيف أعبّر عن امتناني لذلك القمر المتدلّي من جيد السماء الذي يتسلل نوره مخترقا الحُجب يوقظ الروح ينبهها إلي ميعاد رحلتها ويصحبها.

أم كيف يستطيع كلام البشر أن يستوعب امتناني لرب أنزل لنا كتاب قال لنا فيه: "وَاللَّهُ يُرِيدُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْكُمْ وَيُرِيدُ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الشَّهَوَاتِ أَنْ تَمِيلُوا مَيْلا عَظِيمًا ( 27 ) يُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُخَفِّفَ عَنْكُمْوَخُلِقَ الإِنْسَانُ ضَعِيفًا ( 28 )" فتلك الآيات مكتفية بذاتها أستحي أن أضيف عليها كلمة من كلام البشر ففيها من معاني الرفق والرحمة والسعة والنور ما لا يمكن الإفصاح عنه باللسان

لا أستطيع حقا أن أصف كم أن ذلك الكون رائع، ولا أقول أني أشعر بالتقصير في حق مبدع الكون وواهب النعم، فأعلم أنني لن أستطيع أن أوفيه حقه وهو يعلم ذلك أيضا .. فقط أسأل الله أن يفيض علي بفتوح شكره حتى يزيل ما بيني وبين معرفته.

الحمد لله




باسم زكريا السمرجي
25/9/2011

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق