الأربعاء، ٤ يناير ٢٠١٢

صراع إرادتين .. عن 25/1/2012

ونحن نقترب من يوم الخامس والعشرين من يناير لعام 2012 تختلط الحسابات والتوقعات وتمتزج معها المشاعر ويبقى الترقب عاملا مشتركا بين كل ذلك.

عام يمر على بدء ثورتنا نستطيع أن نضع عنوانا له هو "صراع إرادتين" إرادة الدولة الرسمية لفرض النظام وإرادة الناس الفطرية لانتزاع الحرية، ويتجلّى ذلك الصراع في رمزية اليوم الذي يوافق عيد الشرطة، الشرطة التي كانت الذراع القمعية للدولة المصرية ولا زالت بعد أن انضمّت إليها رفيقتها الشرطة العسكرية. وعلى مدار العام الذي يزحف مترقّبا يختلس النظر لما سيأتي به العام الجديد كان الصراع بين الإرادتين كمباراة الملاكمة التي لا تنتهي بالضربة القاضية، وقد أخطأنا حين ظننا أننا هزمنا النظام بالضربة القاضية حين تنحى مبارك، فما كانت تلك إلا ضربة قوية ربحنا بها نقاطا كثيرة فتحت الطريق لضربات أخرى ربحنا وما زلنا نربح على أثرها بعض النقاط أيضا.

تقديري أننا منتصرون في معركتنا مع النظام وأن النظام الآن في حالة من الترنّح تشي بها "الغباوة" المفرطة التي يواجه بها من بيدهم الأمر إرادة الناس، ولعل ما أخّر القضاء على النظام هو الفقر النخبوي الشديد الذي نعانيه، فكان الخذلان نصيب الناس كلما تعلقوا بواحد أو بفصيل من النخبة يستطيع تطوير الثورة سياسيا ويفاوض المجلس العسكري وينتزع منه مطالب الثورة، حتى صرنا بحاجة إلى ثورة حقيقية على النخب السياسية، ثورة تستبدل النخب السياسية التي تتاجر بدماء الشهداء أو التي تدّعي احتكار تمثيل الإرادة الشعبية.

عام من الثورة يكفي ليكشف لنا عن حقيقة انحياز كل مؤسسات الدولة لإنفاذ إرادة الدولة، فلا المجلس العسكري حمى الثورة، ولا الحكومة التي ظنناها حكومة الميدان حكومة الثورة. وفي هذا المشهد لا يبق لنا إلا أن نترقّب اتجاه انحياز المؤسسة حديثة التشكل وهي البرلمان، فهي وإن كنت أجزم بأن ظروف تشكّلها الاستثنائية انعكست على هيئتها النهائية إلا أنها المؤسسة الأكثر اقترابا من التعبير عن إرادة الناس في مواجهة إرادة السلطة .. (أقول أنها الأكثر اقترابا من التعبير عن إرادة الناس ولا أقول أن لها حق احتكار التعبير عن تلك الإرادة)

وإرادة الناس المنوط بالبرلمان تمثيلها هي " الشعب يريد إسقاط النظام" اتخذت صورة "يسقط يسقط حسني مبارك" وهي الآن "يسقط يسقط حكم العسكر" والعجيب أن المجلس العسكري يتفق مع الناس في هذا الأمر، ألم يمطرونا بأحاديثهم عن رغبتهم الأكيدة في التنازل عن السلطة لسلطة مدنية منتخبة؟! إن كان الأمر كذلك فلم لا يسلّم المجلس العسكري السلطة للبرلمان؟ أليس البرلمان مدنيا منتخبا في انتخابات نزيهة لم تشهدها مصر منذ عهد الفراعنة على حد تعبير السيد المستشار رئيس اللجنة العليا للانتخابات؟!، أليس البرلمان خطوة على المسار الذي سلكناه بناء على نتيجة الاستفتاء الذي وافقت عليه مع أربعة عشر مليون مصري؟ وإن كنا نتحدث عن البرلمان كممثل شرعي لإرادة الناس، ألا يجب على إرادة الناس أن تكون هي الإرادة الحاكمة؟ ألم يصدّعوا رؤوسنا بعجزهم عن الحديث مع من يمثل الناس تمثيلا حقيقيا؟ هاهو برلمان منتخب في انتخابات أشرفوا عليها بأنفسهم. لذلك فإن كان للبرلمان أن يمثل الإرادة الشعبية، فلا أقل من أن ينتزع سلطات الرئاسة لرئيسه المنتخب في الحال. وإن احتج أحد بأن ذلك قد يبدو أمرا لم يُنص عليه دستوريا وقانونيا أقول – بعد أن أؤدي طقوس الامتعاض والتأفف من لوي البوز وخلافه – أن الثورة لا تقف في محطات رُسمت في قانون ثارت عليه أصلا، فالثورة هي التي تصنع الشرعية السياسية والقانونية وليس العكس.

أقترح أن تُفوض سلطات الرئيس لرئيس البرلمان المنتخب بشكل مؤقت لمدة ستة أشهر تنتهي تلك المدة بالانتهاء من كتابة الدستور وباالانتخابات الرئاسية، ونكون بذلك قد أنقذنا الدستور من الوصاية العسكرية وأيضا قد كُتب بمعزل عمّن سيُحكم به فرئيس البرلمان الذي سيمارس وظائف الرئيس في تلك الفترة الانتقالية لابد ألا يُسمح له بالترشح للرئاسة.

إن نجح البرلمان أو لم ينجح في إنجاز تلك الخطوة فلابد أن ننزل إلى الشوارع في الخامس والعشرين من يناير سننزل إما لتأييد البرلمان أو للضغط عليه وتحذيره سننزل ورسالتنا للجميع "الشارع .. لنا" للناس لا للدولة سننزل نحتفل ونتظاهر ونعترض ونعتصم سلميا، فإن بدؤونا بالعنف سندافع عن أنفسنا، كما كنا دوما. سننزل لأن الشارع لنا وستحصدون غراس ما ستزرعون في الأيام القليلة المقبلة .. فالأمر بيدكم

ماذا لو؟

حوكم مبارك والعادلي محاكمة جادة عادلة ناجزة، وطهّرت الشرطة نفسها من الفاسدين والقتلة وسلّم العسكر السلطة للمدنيين في شهر سبتمبر الماضي؟!

باسم زكريا السمرجي
4/1/2012

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق